إبراهيم شعبان يكتب: تغيير الشرق الأوسط.. نتنياهو يغذي حربا طويلة - لايف نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في خطاب ناري أمام الكنيست الإسرائيلي، أعلن رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حكومته نجحت في "تغيير وجه الشرق الأوسط"، معتبرًا أن ما تحقق على مدار الشهور الماضية يمثل إنجازًا غير مسبوق في تاريخ إسرائيل.


وتحدث نتنياهو بثقة عما ما وصفه بـ"النجاحات" على عدة جبهات، أبرزها لبنان وسوريا وغزة واليمن، مُشيرًا إلى "القضاء" على محمد السنوار، واستعادة 197 رهينة إسرائيلية، وخلق "واقع جديد" في لبنان.


وفي تصعيد لافت، وصف نتنياهو إسرائيل بأنها "قوة عظمى إقليمية"، مؤكدًا أن حكومته أحبطت خطر حزب الله وفرضت معادلة جديدة في الشمال. كما أشار إلى استمرار سعيه لتحقيق "الانتصار الكامل" على حماس في غزة.


ورغم ما يسوقه نتنياهو كـ"إنجازات"، فإنه ينكر متعمدا خسائر فادحة تعرض لها الداخل الإسرائيلي، بسقوط مئات الجنود في جحيم غزة وألاف الجرحى والمصابين ودمار في حيفا وتل أبيب وأشدود وغيرها.


وعلى الناحية الثانية، فإن الواقع في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان يرسم صورة مأساوية عنوانها الدم والدمار، فالعدوان على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، حوّل القطاع إلى ساحة إبادة جماعية، وفرض حصارًا خانقًا وتجويعًا وتهجيرًا قسريًا للفلسطينيين، يعد وصمة عار حقيقية على العرب والعالم في آن واحد.


كما تتواصل اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، ما يضغط على السلطة الفلسطينية ويدفع الفلسطينيين لمزيد من الانهيار الإنساني والسياسي.


أما في لبنان، فقد فجّرت الغارات الإسرائيلية المتكررة  وحتى بعد وقف اطلاق النار توترًا غير مسبوق، وسط مخاوف من تحول التصعيد إلى حرب شاملة جديدة، تنتظر لحظة الانفجار. 


ومع السيطرة الإسرائيلية الكاملة على هضبة الجولان، وتصعيد العمليات والانتهاكات ضد سوريا واليمن وإيران، تتضح ملامح استراتيجية توسعية تهدف لفرض "شرق أوسط جديد" يخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية.


وفي مواجهة خطاب نتنياهو، جاء الرد المصري حازمًا وواضحًا. حيث وصف وزير الخارجية بدر عبد العاطي، ما تروج له إسرائيل من "تغيير خريطة الشرق الأوسط" بأنه "وهم"، مشددًا على أن أمن المنطقة لا يتحقق بالقوة العسكرية أو الإملاءات الأجنبية، بل من خلال احترام سيادة الدول وإرادة شعوبها.


عبد العاطي الذي دعا إلى هدنة في غزة لمدة 60 يومًا،  وبشر بها قبل يومين، حمّل إسرائيل مسؤولية خرق الهدنة التي أُبرمت في يناير الماضي، محذرًا من أن استمرار العدوان من شأنه أن يهدد استقرار المنطقة بأسرها. وأكد أن القاهرة ترفض الحلول العسكرية وتتمسك بالمسار السياسي والدبلوماسي كسبيل وحيد لتحقيق السلام.


.. خطاب "تغيير الشرق الأوسط" الذي يتبناه نتنياهو، بدعم واضح من الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، ليس جديدًا. فقد سبق هذا الطرح تصعيد ميداني ممنهج بدأ بضرب البرنامج النووي الإيراني، ومرّ عبر سلسلة من الحروب في غزة، وانتهى إلى زعزعة الاستقرار والعدوان على دول مثل اليمن وسوريا ولبنان، الأمر الذي حول الصراع من محلي إلى إقليمي مفتوح، تُستخدم فيه الطائرات المسيّرة والصواريخ والأسلحة الذكية، وتُغلق فيه ممرات استراتيجية كالبحر الأحمر.


اللافت في هذه المعادلة الجديدة، هو غياب إرادة دولية فاعلة لوقف آلة الحرب. وغياب الأنظمة العربية والتي تقف حتى الآن في موقع المتفرج، ما يشجع نتنياهو لاستغلال هذا الفراغ السياسي لتكريس واقع احتلالي جديد، تحت مسمى "تغيير الشرق الأوسط".
الرهان الإسرائيلي - الأمريكي على فرض وقائع جديدة في الشرق الأوسط بالقوة العسكرية يبدو حتى اللحظة محاطًا بالعواصف والدماء والانهيارات.  فلا المقاومة الفلسطينية – الشعبية والمسلحة - في غزة توقفت، ولا حزب الله اختفى وإن كان قد تراجعت قوته كثيرا، ولا البرنامج النووي الإيراني توقف نهائيًا، وان تعطل لشهور أو لسنوات وفق بعض التقديرات..


وما تفعله إسرائيل الآن هو تغذية صراع طويل المدى قد يجر المنطقة نحو مزيد من الفوضى والدمار.


خطاب نتنياهو عن "الشرق الأوسط الجديد وهندسته" ليس سوى نسخة محدثة من مشروع قديم يرتكز على الإقصاء والإخضاع بدلاً من التفاوض والتعايش.


أما القاهرة، فإنها لا تزال ترفع الصوت عاليا لتذكّر العالم أن السلام لا يُفرض بالدبابات، بل يُبنى عبر الحوار واحترام الحقوق، وهذا هو الحل الأوحد والأمثل للجميع.

أخبار ذات صلة

0 تعليق