ارتفاع جديد في صافي الأصول الأجنبية.. بوادر تعافٍ نقدي في ظل دعم دولي - لايف نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية داخليًا وخارجيًا، أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري يوم الإثنين، تحسنًا ملموسًا في وضع صافي الأصول الأجنبية، الأمر الذي يبعث على التفاؤل بشأن قدرة الاقتصاد على استعادة بعض من توازنه النقدي بعد سلسلة من الضغوط المالية الحادة التي شهدتها البلاد منذ عام 2022.

فقد ارتفع صافي الأصول الأجنبية بنحو 1.2 مليار دولار خلال شهر مايو، ليصل إلى 14.7 مليار دولار، مقارنةً بـ13.6 مليار دولار في أبريل الماضي. ويقترب هذا الارتفاع من المستويات المسجلة في مارس، حين وافق صندوق النقد الدولي على صرف شريحة تمويلية بقيمة 1.2 مليار دولار لمصر، ضمن اتفاق موسّع لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي.

نقطة تحوّل بعد سلسلة من التراجعات

يأتي هذا التحسن بعد فترة طويلة من التدهور، حيث بدأ صافي الأصول الأجنبية—الذي يشمل ما يحتفظ به كل من البنك المركزي والبنوك التجارية من عملات أجنبية—في التراجع منذ فبراير 2022، في ظل أزمة تمويل أجنبي عانت منها البلاد بفعل ضغوط جيوسياسية وتقلبات في أسعار السلع العالمية.

ولم يُسجّل أي تحسن ملموس في هذا المؤشر حتى شهر مايو 2024، ما يجعل الزيادة الأخيرة دلالة إيجابية على عودة تدفقات النقد الأجنبي، سواء عبر قنوات الاستثمار، أو من خلال تمويلات خارجية تدعم احتياطي البلاد.

شهر متقلّب.. بين تراجع حاد وتعافٍ نسبي

وكان صافي الأصول الأجنبية قد شهد تراجعًا ملحوظًا في أبريل الماضي، حيث انخفض بقيمة 1.5 مليار دولار إلى نحو 13.6 مليار دولار، بعد أن تجاوز في مارس مستوى 15 مليار دولار مدفوعًا بإفراج صندوق النقد الدولي عن الشريحة التمويلية في إطار اتفاق تبلغ قيمته 8 مليارات دولار.

ويمثّل هذا التذبذب المستمر في صافي الأصول الأجنبية انعكاسًا لحساسية الاقتصاد المصري تجاه المتغيرات العالمية، إلى جانب تأثره بمواقيت صرف التمويلات الدولية ومدى تفاعل الأسواق مع قرارات السياسات النقدية.

البنوك التجارية تسجل أعلى مستوياتها منذ 2021

وبحسب بيان البنك المركزي، فإن التحسن لم يقتصر على الأصول الأجنبية لدى المؤسسة الأم فقط، بل امتد إلى البنوك التجارية العاملة في السوق المصرية. فقد ارتفع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية بنحو 3.2 مليار دولار خلال مايو، ليصل إلى 4.8 مليار دولار، وهو أعلى مستوى يُسجّل منذ فبراير 2021.

ويُعدّ هذا التحول مؤشرًا على زيادة السيولة الدولارية داخل النظام المصرفي، مما يعزز قدرة البنوك على تلبية الطلب على النقد الأجنبي في السوق المحلية، ويخفف الضغط على الجنيه المصري، خاصةً في ظل تحوّط المستثمرين المحليين والأجانب من تقلبات العملة.

قراءة أولية ودلالات مستقبلية

يرى مراقبون أن ارتفاع صافي الأصول الأجنبية، رغم أنه لا يزال بعيدًا عن مستويات ما قبل 2022، يمثل خطوة أولى نحو استعادة الثقة في الاقتصاد المصري، خاصةً في أعقاب الإصلاحات الهيكلية الأخيرة، وخفض الجنيه، وتحرير سعر الصرف في مارس الماضي.

كما أن التحسّن المتزامن في أرصدة البنوك التجارية يعكس تحسّنًا في قدرة هذه المؤسسات على جذب التدفقات الدولارية، سواء من تحويلات العاملين بالخارج، أو من خلال أدوات مالية جديدة يجري العمل على طرحها بالتنسيق مع البنك المركزي لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

نحو استقرار تدريجي... لكن التحديات قائمة

في ضوء المعطيات الحالية، يبدو أن الاقتصاد المصري يخطو خطوات حذرة نحو استعادة التوازن النقدي، مستفيدًا من الدعم الدولي، ومن تحسّن الثقة في النظام المصرفي المحلي.

غير أن الطريق لا يزال مليئًا بالتحديات، في مقدمتها: الحفاظ على استدامة التدفقات الأجنبية، تقليص عجز الحساب الجاري، والسيطرة على التضخم المرتفع، إضافةً إلى الحاجة لإصلاحات هيكلية أعمق في قطاعات الإنتاج والتصدير.

ومع استمرار مراقبة مؤشرات الأداء النقدي خلال الأشهر القادمة، يترقب الشارع الاقتصادي ما إذا كانت هذه المؤشرات ستتّجه نحو التعافي المستدام، أم أنها مجرد انعكاس مؤقت لتحركات تمويلية آنية.

أخبار ذات صلة

0 تعليق