16 يونيو 2025, 10:58 صباحاً
منذ يوم الجمعة الماضي، انطلقت شرارة مواجهة جديدة غير مسبوقة بين إسرائيل وإيران، محولةً المواجهات المتقطعة السابقة إلى صراع مفتوح يهدد باستمراره لأسابيع قادمة بدلًا من أيام، فهذه الجولة التصعيدية، التي شهدت توسيعًا في نطاق الهجمات وارتفاعًا في أعداد الضحايا من الجانبين، تكشف عن تصميم كل طرف على المضي قدمًا دون البحث عن مخارج لخفض التصعيد، ويبدو أن الهدف الإسرائيلي يتمحور حول إفشال البرنامج النووي الإيراني، بينما تُصر طهران على حقها في تخصيب اليورانيوم، مما ينذر بمعركة طويلة ومعقدة في قلب الشرق الأوسط.
تصعيد متواصل
وبعد أن كانت الاشتباكات بين إسرائيل وإيران في العام الماضي قصيرة ومحدودة، تنتهي عادة في غضون ساعات قليلة، ويسعى الطرفان خلالها إلى إيجاد سبل لتهدئة التوترات، اختلفت طبيعة المواجهة جذريًا في الجولة الحالية، فمنذ بداية القتال الجديد أعلن كل من تل أبيب وطهران استعدادهما للاستمرار لأجل غير مسمى، مما أدى إلى توسيع نطاق الهجمات بشكل ملحوظ وارتفاع أعداد الضحايا في كلا البلدين، وهذه المرة، يبدو أن الصراع قد يستمر لأسبوع على الأقل، مع تجاهل واضح من الجانبين لأي مسارات قد تؤدي إلى فض الاشتباك، وهذا التحول في نهج الطرفين يعكس تزايدًا في مستوى التصعيد، مما يثير تساؤلات حول أفق هذه المواجهة الجديدة وتأثيراتها المحتملة على المنطقة برمتها، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
ويبدو أن إسرائيل عازمة على مواصلة عملياتها حتى يتم تدمير برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، سواء بالقوة العسكرية أو من خلال استئناف المفاوضات الدولية، ومع ذلك، لم تُظهر إيران أي نية لإنهاء التخصيب طواعية، وهي عملية تُعتبر حاسمة لبناء قنبلة نووية محتملة، وفي الوقت ذاته، لا تملك إسرائيل قدرة معروفة على تدمير موقع تخصيب حيوي مدفون عميقًا تحت الأرض، وهذا التضارب في الأهداف والتكتيكات يوضح مدى تعقيد الموقف، ويشير إلى أن الصراع قد لا يجد حلًا سريعًا، ويرى دانييل شابيرو، الذي أشرف على شؤون الشرق الأوسط في البنتاغون حتى يناير، أن نهاية هذا الصراع ليست وشيكة، بل تبعد أسابيع لا أيام.
تداعيات محتملة
ويؤكد السيد شابيرو، وهو حاليًا زميل في المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، أن إسرائيل ستستمر في عملياتها حتى تفقد إيران قدرتها على التخصيب بشكل كامل، بأي طريقة كانت، ويوضح أن "من الواضح الآن أنه إذا تركت إسرائيل هذا الأمر دون معالجة، فإن حملتها ستكون قد فشلت"، على الرغم من أن إسرائيل تمكنت بسهولة من ضرب موقع التخصيب الرئيسي لإيران في نطنز بوسط البلاد، إلا أنها تفتقر إلى القنابل الأمريكية "الخارقة للتحصينات" اللازمة لتدمير موقع أصغر تحت الأرض محفور بعمق داخل جبل بالقرب من فوردو شمال إيران، ويأمل المسؤولون الإسرائيليون أن تُحدث ضرباتهم على أهداف أخرى، بما في ذلك كبار القادة العسكريين الإيرانيين والعلماء النوويون وصناعة الطاقة، ما يكفي من الضغط لإجبار إيران على إنهاء العمليات في فوردو طواعية.
ومع استمرار هذا الصعيد، تتجه الأنظار نحو المنطقة والعالم لتقييم تداعيات هذه المواجهة المفتوحة، فاستمرار الصراع لأسابيع بدلاً من أيام يعني أن المخاطر تتزايد على الاستقرار الإقليمي والعالمي، وفي ظل سعي إسرائيل لإفشال البرنامج النووي الإيراني، ورفض طهران التراجع عن عمليات التخصيب، يبدو أن الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة جديدة من التوتر والاضطراب، ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستنجح الضغوط الإسرائيلية في تحقيق أهدافها، أم أن إيران ستصمد؟
0 تعليق