01 يوليو 2025, 11:12 صباحاً
في خطوة مفاجئة واعراف نادر، كشف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عن تكبده خسائر بشرية في الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، وجاء هذا الاعتراف العلني غير المسبوق خلال حفل بهيج أقيم في مسرح شرق بيونغ يانغ الكبير، بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لمعاهدة الدفاع المشترك المبرمة بين بيونغ يانغ وموسكو، حيث وقف كيم، في لفتة مؤثرة، أمام ستة توابيت لجنود كوريين شماليين قُتلوا في المعارك، ووضع يديه عليها في إشارة واضحة إلى سقوط قتلى من قواته المسلحة في حرب بعيدة عن أرض الوطن، مؤكداً بذلك عمق العلاقات المتنامية مع الكرملين والمتمثلة في الدعم العسكري لروسيا.
مراسم مؤثرة
وعرضت شاشات ضخمة خلال الحفل صوراً تُظهر الزعيم الكوري الشمالي وهو يتأمل التوابيت الملفوفة بعلم البلاد، في مشهد لم يعتد عليه الجمهور الكوري الشمالي، وقد تضمن الحفل عروضاً فنية مشتركة لفنانين من كوريا الشمالية وروسيا، وتخللته صور تحتفي بالتحالف العسكري الذي وقعه كيم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بيونغ يانغ في يونيو من العام الماضي، وأعقبت هذه المشاهد المؤثرة عرض لقطات تُظهر جنوداً من كلا البلدين وهم يلوحون بأعلامهم الوطنية. ولم تخلُ الصور من تفاصيل صادمة، حيث زُعم عرض صفحات من دفتر ملاحظات ملطخ بالدماء، يُعتقد أنه يخص جندياً كورياً شمالياً، عُثر عليه في ساحة معركة بمنطقة كورسك الروسية، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وكشفت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية يونهاب عن محتوى الرسائل المدونة في الدفتر، حيث جاء فيها: "اللحظة الحاسمة قد حانت أخيراً"، و"دعونا نخوض هذه المعركة المقدسة بشجاعة بالحب والثقة المطلقين اللذين منحهما لنا قائدنا الأعلى المحبوب" في إشارة واضحة إلى كيم، ورغم أن توقيت مراسم إعادة الجنود لم يتضح على الفور، إلا أن الصور التي تُظهر كيم ومسؤولين كبار، من بينهم شقيقته المؤثرة كيم يو-جونغ ووزيرة الخارجية تشوي سون-هوي، وهم يرتدون ملابس شتوية، تشير إلى أن رفات الجنود ربما أعيدت إلى بيونغ يانغ قبل عدة أشهر.
شهور الإنكار
وبعد شهور من الإنكار، يسعى النظام الكوري الشمالي الآن إلى صياغة رواية إيجابية لمشاركته في الصراع الأوكراني، وذكر هونغ مين الباحث البارز في المعهد الكوري للتوحيد الوطني، لوكالة يونهاب أن "كوريا الشمالية ربما أرادت أن تؤطر الجنود الذين سقطوا ليس فقط كتضحيات بل كجزء من سرد انتصار"، وأضاف هونغ أن "اللقطات يبدو أنها نُشرت بعد اعتراف البلدين بنشر القوات،" وإعلان نجاح عمليتهما المشتركة في استعادة منطقة كورسك في غرب روسيا، وقد أظهرت لقطات الحفل، التي بثها التلفزيون الرسمي الكوري الشمالي، كيم وهو يبدو متأثراً في بعض الأحيان، جالساً إلى جانب وزيرة الثقافة الروسية أولغا ليوبيموفا وابنته كيم جو-إي، بينما كان الحضور يمسحون دموعهم.
وذكرت صحيفة "ذا كوريا هيرالد" أن هذا الحدث كان الأول الذي تعرض فيه وسائل الإعلام الرسمية لقطات وصوراً لجنود أرسلوا إلى روسيا يمكن للمواطنين الكوريين الشماليين رؤيتها، وأشارت وكالة الأنباء المركزية الكورية الحكومية إلى أن الحدث "ألهم الثقة في روابط الصداقة والواجب الأممي الحقيقي بين شعوب وجيوش البلدين التي تشكلت على حساب الدم"، وفي أبريل الماضي، أكد بوتين وكيم لأول مرة نشر القوات الكورية الشمالية، ووصف كلاهما الجنود بـ"الأبطال"، وأفاد كيم في ذلك الوقت بأنه سيتم بناء نصب تذكاري في بيونغ يانغ لتكريم جنوده، وسيتم وضع الزهور أمام قبور من سقطوا، في ما اعتُبر أول تأكيد علني من النظام لمقتل جنود من قواته في القتال.
تقديرات الخسائر
وتشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية أرسلت نحو 15 ألف جندي للقتال في الحرب منذ الخريف الماضي، وقد تكبدت حوالي 4700 إصابة، بما في ذلك 600 قتيل، حسبما أفاد مشرعون كوريون جنوبيون في أبريل، بينما زعمت وكالة الاستخبارات في سول مؤخراً أن عمليات نشر إضافية قد تتم في يوليو أو أغسطس.
وزودت بيونغ يانغ روسيا بكميات كبيرة من الذخيرة، وقذائف المدفعية، والصواريخ الباليستية، والأسلحة الأخرى، ويُقال إن ذلك جاء مقابل الحصول على أسلحة وتكنولوجيا فضائية، بالإضافة إلى مساعدات اقتصادية وغيرها من الكرملين، فما هي التداعيات المحتملة لهذا الاعتراف على الساحة الدولية وعلاقات كوريا الشمالية مع القوى الكبرى؟
0 تعليق