من أروقة محكمة الأحوال الشخصية.. صلح إنساني بلغة الإشارة ينهي نزاعًا بين مسنين من ذوي الإعاقة السمعية - لايف نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تم النشر في: 

07 يوليو 2025, 12:56 مساءً

داخل أروقة محكمة الأحوال الشخصية بالدمام، كان القلق بادياً على وجه رجل مسن وهو يخطو ببطء نحو مركز المصالحة، ويبدو عليه أنه لم يعتد مثل هذه الإجراءات القانونية، وأن المواجهة نفسها تشكّل تحدياً بالنسبة له. ولم يكن الأمر مجرد رهبة موقف، بل فجوة حقيقية لديه في التواصل؛ إذ كان الرجل من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعاني من الصمم، ولا يستطيع التفاهم إلا بلغة الإشارة.

في المقابل، كانت إحدى مصلحات مركز المصالحة تراقب هذا الرجل، وباهتمام بالغ سارعت باستقبال حالته أمام مسؤولية إنسانية قبل أن تكون قانونية. فخبرتها المكتسبة من التجارب السابقة، والتدريبات التي تلقتها من المركز، لم تترك لها مجالاً للانتظار. كان عليها أن تجد حلاً لهذا الرجل الذي لا يملك حتى المعرفة الكافية بالتقنيات الحديثة التي تسهّل إجراءات المصالحة.

لم تتردد المصلحة في التواصل مع المشرفة الإدارية لطلب إحالة الملف ضمن مهامها، مدفوعة برغبتها في خدمة المستفيد، وتقديرًا لوضعه الصحي والإنساني، خاصة أنه لم يكن ليتمكن من السفر إلى حفر الباطن حيث رُفع الطلب ضده. وسرعان ما تم إسناد القضية إليها، ومن ثم بادرت بالتواصل مع مركز الترجمة الموحد في الرياض لتوفير مترجم لغة الإشارة خلال الجلسة، وهو ما تحقق بسرعة واستجابة فورية.

المفاجأة كانت حين حضرت مقدمة الطلب إلى جلسة الصلح، إذ تبيّن أنها أيضًا مسنة تعاني من الإعاقة السمعية وتتواصل بلغة الإشارة، ليصبح المترجم جسراً إنسانيًا بين الطرفين في جلسة لم تكن عادية.

بدأت الجلسة، وكانت لغة الإشارة هي الرابط الذي جمع بين الطرفين، وبمساعدة المترجم الذي نقل الرسائل بدقة وأمانة، وبعد جولة من التفاوض والنقاش، بدأت ملامح الرضا تظهر على وجهي الطرفين، قبل أن يتوصلا إلى اتفاق ينهي النزاع ويضع حدًا للخلاف حول مؤخر الصداق.

انتهت الجلسة بوثيقة صلح كلي منهية للنزاع، لكن الدرس الذي حملته التجربة كان أبعد من مجرد إنهاء نزاع، فقد أكدت المصلحة أن التعامل مع القضايا الإنسانية، خاصة في الأحوال الشخصية، يتطلب من المصلح أن يرتدي رداء الإنسانية قبل المهنية، وأن يتعامل مع المستفيدين بأحدث الأساليب وأرقى الممارسات.

يُذكر أن وثائق الصلح الصادرة عن مركز المصالحة تُعد سندات تنفيذ يمكن التقدم بها إلى قضاء التنفيذ في حال إخلال أحد الأطراف بالاتفاقات المدونة بالوثيقة. كما يمكن الاستفادة من خدمات منصة "تراضي" الإلكترونية من خلال الرابط .

أخبار ذات صلة

0 تعليق