الشرع يتهم إسرائيل بالسعي إلى تقسيم سورية - لايف نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع التوصل إلى اتفاق وقف نارٍ أعاد الهدوء النسبي إلى محافظة السويداء التي تسكنها الأقلية الدرزية جنوب سورية، وجّه الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، خطاباً إلى السوريين، هو الأول منذ اندلاع الأحداث الدامية، وشنّ أكبر هجوم علني على إسرائيل منذ توليه السلطة، وذلك بعد أيام قليلة من مفاوضات مباشرة بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين في أذربيجان.

وأعلن الشرع أنه قرر «تكليف الفصائل الدرزية ومشايخ العقل بحفظ الأمن في السويداء لحماية وحدة سورية، وتجنّب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة قد تجرها بعيداً عن أهدافها الكبرى في التعافي من الحرب المدمرة، وإبعادها عن المصاعب السياسية والاقتصادية التي خلّفها النظام البائد».

وقال: «لسنا ممن يخشى الحرب، ونحن الذين قضينا أعمارنا في مواجهة التحديات والدفاع عن شعبنا، لكننا قدّمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار»، متهماً إسرائيل بـ «استهداف استقرار سورية وخلق الفتن منذ سقوط بشار الأسد، وبالسعى لتحويلها إلى ساحة فوضى غير منتهية وتفكيك وحدة شعبها».

وأضاف: «نعرف جيداً مَن يحاول جرّنا إلى الحرب، ومَن يسعى إلى تقسيمنا وتشتيت جهودنا، ولن نعطيهم الفرصة، لأن سورية ليست ساحة تجارب للمؤامرات الخارجية، ولا مكاناً لتنفيذ أطماع الآخرين على حساب دماء أطفالنا ونسائنا».

وفي السياق، أجرى الشرع اتصالاً بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، رحب خلاله الأمير بإعلان الشرع «ترتيبات وإجراءات لاحتواء الأحداث الأخيرة». كما تلقى الشرع اتصالاً من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أبلغه فيه أن الهجمات الإسرائيلية غير مقبولة، وتعتبر تهديداً لكل المنطقة، وأن تركيا تقف مع سورية.

في المقابل، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إنه «تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء بالقوة، لا بالطلبات ولا الالتماسات»، معتبراً أن ما فعله الجيش الإسرائيلي «وضع سياسة واضحة بشأن سورية، وهي أن المنطقة من الجولان إلى جبل الدروز يجب أن تبقى منزوعة السلاح. وتل أبيب ستتحرك عندما ترى حاجة لذلك».

وكانت السلطات السورية قد سحبت جميع وحداتها، بما في ذلك الأمن الداخلي، من السويداء التي باتت بعهدة الفصائل الدرزية المسلحة، في حين كشف وقف القتال عن سقوط أكثر من 500 قتيل في المواجهات التي استمرت 4 أيام.

وبينما اتهمت وكالة الأنباء السورية (سانا) مجموعات درزية خارجة عن القانون بارتكاب مجاز بحق البدو الذين يسكنون في السويداء وعلى حدودها الإدارية مع درعا، مشيرة إلى حركة نزوح من تلك المناطق، وجّهت شخصيات درزية اتهامات للقوات الحكومية بارتكاب مجازر شملت المدنيين خلال مواجهاتها مع الفصائل الدرزية.

وطالب حكمت الهجري، وهو أحد شيوخ عقل طائفة الموحدين الدروز، والذي يقود المعارضة الدرزية للسلطات الانتقالية في دمشق، بفتح ممرات باتجاه مناطق سيطرة «قوات سورية الديموقراطية»، والأردن.

وفي بيان يعكس مرونة، قال الهجري إن «الحل في الحكومة لا في السلاح»، مجدداً الالتزام بوحدة الصف ونبذ الفتنة وبأخلاقيات العيش المشترك والتسامح رغم الانتهاكات، معتبراً أن مرتكبي الانتهاكات يمثّلون أنفسهم. ورغم ذلك وصف الهجري الحكومة بـ «التكفيرية»، معتبراً أن الطائفة الدرزية دفعت أثماناً باهظة نتيجة سياسة هذه الحكومة.

من جهته، حضّ المسؤول الكردي البارز، بدران جيا كورد، أمس، الحكومة الانتقالية السورية على «مراجعة شاملة وعاجلة لنهجها في التعامل مع الداخل السوري، والبدء بحوار وطني مع احترام خصوصية كل مكوّن وهويته الثقافية والدينية».

واعتبر كورد أن «الانتهاكات الممنهجة التي طالت المكون الدرزي في الجنوب السوري، وما سبقها من انتهاكات مشابهة في الساحل السوري، تؤكد بوضوح الرفض العميق للتعددية الثقافية والدينية من وزارة الدفاع الانتقالية والمؤسسات التابعة لها»، مشيراً إلى أن ذلك «يؤدي إلى تقويض أسس العيش المشترك ضمن جغرافيا وطنية واحدة». ورأى أن «استمرار هذه الممارسات يدفع بسورية نحو المزيد من التشظي والتفتت على المستويين السياسي والاجتماعي».

وفي تفاصيل الخبر:

مع التوصل إلى اتفاق وقف نار أعاد الهدوء النسبي إلى محافظة السويداء التي تسكنها الأقلية الدرزية جنوب سورية، وجّه الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، خطاباً إلى السوريين هو الأول منذ اندلاع الأحداث الدامية، وشن أكبر هجوم علني على إسرائيل منذ توليه السلطة، وذلك بعد أيام قليلة من مفاوضات مباشرة بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين في أذربيجان.

وأوضح الشرع، في كلمة متلفزة فجر أمس، أن قرار تسليم السويداء للفصائل الدرزية ومشايخ العقل هو الخيار الأمثل في هذه المرحلة لحماية وحدة سورية وسلامة أبنائها وإعلاء لمصلحتها العليا، وشدد على أن الدولة للجميع، والدروز جزء أصيل من نسيج، وحماية حقوقهم وحرياتهم من أولوياته، رافضاً أي مسعى يهدف لجرهم إلى طرف خارجي أو لإحداث انقسام داخل سورية واستهداف تنوعها.

وقال: «هذا القرار نابع من إدراكنا العميق لخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية، وتجنب انزلاق سورية إلى حرب واسعة جديدة قد تجرها بعيداً عن أهدافها الكبرى في التعافي من الحرب المدمرة، وإبعادها عن المصاعب السياسية والاقتصادية التي خلفها النظام البائد».

وأضاف: «لقد كنا بين خيارين، الحرب المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي على حساب أهلنا الدروز وأمنهم، وزعزعة استقرار سورية والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل».

واتهم الشرع الاحتلال الإسرائيلي باستهداف استقرار سورية، وخلق الفتن منذ سقوط بشار الأسد، ويسعى لتحويلها إلى ساحة فوضى غير منتهية وتفكيك وحدة شعبها. وقال: «نعرف جيداً من يحاول جرنا إلى الحرب، ومن يسعى إلى تقسيمنا وتشتيت جهودنا ولن نعطيهم الفرصة، لأن سورية ليست ساحة تجارب للمؤامرات الخارجية، ولا مكاناً لتنفيذ أطماع الآخرين على حساب دماء أطفالنا ونسائنا».

قيادي كردي يدعو دمشق إلى مراجعة نهجها والتخلي عن رفض التعددية الثقافية والدينية

وساطة فعّالة

وبين الشرع أن «وزارتي الدفاع والداخلية نفذتا انتشاراً واسعاً في السويداء لضبط الأمن، وإنهاء حالة التصعيد، وإعادة الاستقرار، وطرد الفصائل الخارجة عن القانون، وهنا لجأ الكيان الإسرائيلي إلى استهداف موسّع للمنشآت المدنية والحكومية لتقويض هذه الجهود، ما أدّى إلى تعقيد الوضع بشكل كبير، ودفع الأمور إلى تصعيد واسع النطاق، لولا تدخل فعّال للوساطة الأميركية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول».

وأوضح أن الدولة تدخلت بجميع مؤسساتها وقياداتها بكل إرادة وعزم لوقف القتال الداخلي في (السويداء) بين مجموعات مسلحة من سكانها ومن حولهم من مناطق إثر خلافات قديمة، مشيراً إلى أن «هناك مجموعات خارجة عن القانون اعتادت الفوضى والعبث وإثارة الفتن وقادة هذه العصابات هم أنفسهم من رفضوا الحوار لشهور عديدة، واضعين مصالحهم الشخصية الضيقة فوق مصلحة الوطن، وارتكبوا في الأيام الأخيرة ما ارتكبوا من الجرائم بحق المدنيين».

في المقابل، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية أنه «وضع سياسة واضحة بشأن سورية، وهي أن المنطقة من الجولان إلى جبل الدروز تبقى منزوعة السلاح»، مشدداً على أنه سيتحرك في سورية، وسيواصل التحرك حسب الضرورة.

وقال نتنياهو: «تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء بالقوة لا بالطلبات ولا الالتماسات»، موضحاً انه «نتيجة لنشاط قوات جيش الدفاع المكثف تم التوصل لوقف إطلاق النار وانسحاب القوات السورية نحو دمشق وهذا مهم».

مدينة منكوبة

وأكد المرصد السوري أن «السلطات السورية سحبت قواتها العسكرية من مدينة السويداء وكل أنحاء المحافظة، مقابل انتشار للمقاتلين المحليين الدروز».

وبدت مدينة السويداء أشبه بمدينة منكوبة، بحسب شبكة السويداء 24، مع خروج المشفى الرئيسي من الخدمة، وتكدّس الجثث فيه، وانقطاع خدمات المياه والكهرباء والاتصالات منذ أيام. في المقابل اتهمت «سانا» مجموعات خارجة عن القانون بارتكاب مجاز بحق البدو الذين يسكنون في السويداء وعلى حدودها الإدارية مع درعا، مشيرة الى حركة نزوح من تلك المناطق. في المقابل، اتهمت شخصيات درزية القوات الحكومية بارتكاب مجازر شملت المدنيين خلال مواجهتها مع الفصائل الدرزية.

وتجاوزت حصيلة القتلى جراء أعمال العنف بالسويداء خلال الأيام الأربعة الماضية 512 قتيلاً، وأحصى المرصد مقتل 79 مسلحاً درزياً، و154 مدنياً ضمنهم 83 «أعدموا ميدانياً»، و243 عنصراً من القوات الحكومية، و18 مسلحاً بدوياً، و3 من أبناء عشائر البدو «أعدموا ميدانياً»، إضافة الى 15 جندياً بالغارات الإسرائيلية. وحضّ المسؤول الكردي البارز بدران جيا كورد، أمس، الحكومة الانتقالية السورية على «مراجعة شاملة وعاجلة لنهجها في التعامل مع الداخل السوري، والبدء بحوار وطني جاد ومسؤول مع مختلف المكونات، مع احترام خصوصية كل مكون وهويته الثقافية والدينية». واعتبر كورد أن «الانتهاكات الممنهجة التي طالت المكون الدرزي في الجنوب السوري، وما سبقها من انتهاكات مشابهة في الساحل السوري، تؤكد بوضوح الرفض العميق للتعددية الثقافية والدينية من قِبل وزارة الدفاع الانتقالية والمؤسسات التابعة لها»، مشيرا إلى أن ذلك «يؤدي إلى تقويض أسس العيش المشترك ضمن جغرافيا وطنية واحدة». ورأى أن «استمرار هذه الممارسات يدفع بسورية نحو مزيد من التشظي والتفتت على المستويين السياسي والاجتماعي، ويضع جميع المكونات السورية أمام تحدٍّ خطير وممنهج، سواء كان ذلك بشكل جماعي أو فردي».

حلفاء وخصوم

ومع تواصل ردود الفعل الدولية الرافضة للعدوان الإسرائيلي، برز أمس الانتقادات الشديدة لإسرائيل من قبل اصدقاء النظام السوري السابق، ونددت روسيا بالضربات الإسرائيلية ووصفتها بـ«انتهاك صارخ للقانون الدولي»، في حين اعتبرت إيران أن إسرائيل «التهديد الأكبر لأمن المنطقة».

كما بزر موقف حزب الله، الذي أدان «بشدّة» العدوان الإسرائيلي على «السيادة الوطنية». ودعت الصين إسرائيل إلى «احترام سيادة سورية».

ويأتي ذلك بينما لم تنفّذ دمشق والإدارة الذاتية الكردية بعد بنود اتفاق تم التوصل إليه قبل 4 أشهر.

لكنّ الإدارة الذاتية وجّهت لاحقاً انتقادات الى السلطة على خلفية الإعلان الدستوري، ثم تشكيل حكومة قالت انها لا تعكس التنوّع.

نيران السويداء الطائفية تلفح لبنان

يترقب لبنان - بقلق - مآلات التطورات على الساحة السورية، وقد انعكست المواجهات التي شهدتها مدينة السويداء توتراً على الأراضي اللبنانية، خصوصاً في مناطق درزية وفي طرابلس، وسط مساعٍ إسرائيلية واضحة لخلق منطقة عازلة وآمنة وخالية من السلاح في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء الحدودية جنوب سورية، وذلك في إطار أهداف استراتيجية تسعى تل أبيب إلى تحقيقها على مستوى المنطقة ككل، بما فيها سورية ولبنان.

وبعد مواجهات محدودة بين دروز كانوا يتجمعون دعما للسويداء ويريدون عبور الحدود باتجاه سورية وجنود لبنانيين، استنكر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب ​تيمور جنبلاط​ «‏التعرض للمواطنين على الطرقات أياً كانوا، واستنكر التعرض لضباط وعناصر الجيش اللبناني الذي يقوم بواجب وطني في ​حفظ الأمن​ والاستقرار»، فيما أخذ والده الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على عاتقه التنسيق مع المشايخ ومع الأجهزة الرسمية اللبنانية، للعمل على تفادي أي انعكاس للتوتر داخل لبنان، بما في ذلك التعرض للاجئين السوريين.

في المقابل، يراقب حزب الله مسار التطورات في سورية، ويتخذ مما يجري فيها ذريعة لعدم تسليم سلاحه في ظل غياب الضمانات.

وفي طرابلس، تجمّع أمس شبان احتجاجا على الاعتداءات الإسرائيلية التي طاولت العاصمة السورية دمشق، واستهدفت عدة مقار تابعة للنظام، ورفعوا الأعلام السورية الجديدة ورايات التوحيد، ورددوا صيحات التكبير وهتافات مؤيدة للدولة السورية وشرعيتها، وللرئيس الانتقالي أحمد الشرع وحكومته.

كما عبّروا عن دعمهم للدولة السورية ووحدتها، رافضين ما أسموه دعوات «التقسيم». وهاجم المتظاهرون الوزير السابق وئام وهاب، الذي أعلن تشكيل جيش التوحيد، دعما لدروز السويداء، وأشاد بالضربات الإسرائيلية على دمشق.

الهجري يطالب بممرات إلى الأردن و«قسد»

طالب حكمت الهجري أحد شيوخ عقل طائفة الموحدين الدروز، والذي يقود المعارضة الدرزية السلطات الانتقالية في دمشق، بفتح ممرات باتجاه مناطق سيطرة «قوات سورية الديموقراطية»، والأردن، معلناً الحداد العام في المحافظة.

وتحدث الهجري، في بيان أمس، عن «لحظات عصيبة» تمر بها محافظة السويداء، بعد «استهداف المدنيين العزّل وقتل الأبرياء بوحشية»، معلنا السويداء «بلداً منكوباً».

وأعلن البيان عمّا وصفه بـ«تطهير السويداء من نجس الإرهابيين»، ودعا الطائفة الدرزية إلى «رصّ الصفوف ومواساة أهالي الشهداء»، وكذلك «التخفيف من الزيارات في هذه المرحلة احتراماً لحالة الحدود، ولإتاحة المجال للأهالي في تضميد الألم وترتيب الصفوف، وفسح المجال للفرق الطبية وفرق توثيق الانتهاكات».

وقال البيان: «نطالب بفتح الطرق باتجاه الأخوة الأكراد، ونتوجه إلى جلالة الملك عبدالله الثاني في المملكة الأردنية الهاشمية التوجيه لفتح معبر حدودي بين السويداء والأردن، لما لهذه الطرق من أهمية إنسانية في هذه اللحظات الحرجة».

أخبار ذات صلة

0 تعليق