تقرير محلي: الهياكل التنظيمية الجديدة... للترشيق أم الترشيد؟ - لايف نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ضربت الجهات الحكومية موعداً لتغيير هياكلها التنظيمية بشكل شامل، نتيجة توجيهات مجلس الوزراء بشأن دراسة إجراءات إلغاء ودمج بعض هذه الجهات، بهدف معالجة تضخم الهيكل الإداري للدولة، فضلاً عن مخاطبات فعلية لديوان الخدمة المدنية بتحديد مدة لرفعها بما يضمن تحقيق مبدأ الترشيد في الإنفاق الإداري.



ويبدو أن عاصفة التغيير ستهب بشكل كبير على الجهات الحكومية من وزارات وهيئات ومؤسسات، خصوصاً ما يتعلق بمقاعد القياديين وتحديداً درجة الوكيل المساعد، التي ستكون الهدف الأول من عمليات تغيير الهياكل التنظيمية، وإنهاء آمال فتح باب الترقية أمام الكثير من المنتظرين للوصول إلى المقاعد القيادية لسنوات دون فرصة وظيفية جديدة تلوح قبل التقاعد، إضافة إلى ذلك، فإن «عاصفة الهياكل الجديدة» ستأخذ معها قطاعات كثيرة وتعيدها كوحدة تنظيمية أو أقسام بنظر الدراسات المقدمة إلى الديوان، وهو ما يلفت إلى أن أهميتها في تشكيل السياسة العامة والقرارات الإدارية لم تعد ذات تأثير بنطاقٍ واسع برسم استراتيجيات المؤسسات الحكومية.

عاصفة التغيير ستهب بشكل كبير على الجهات الحكومية من وزارات وهيئات ومؤسسات

كما أن تحديد 3 قياديين فقط، بواقع وكيل ووكيلين مساعدين للجهة، سيضع الجهات أمام مزيد من التحديات حول كيفية تطبيق الدمج والتحول الذي لا يضيع من شكلها الإداري، ولا يهمل حقوق القطاعات والإدارات والوحدات التنظيمية والعاملين بها، علماً أن بعض الوزارات اعتمدت هياكل جديدة لم يمض على تطبيقها سوى بضع سنوات أخذت باعتبارها ترشيق الإدارات ودمج بعضها.

هيكل الوزارات

وبالرجوع إلى معرفة الهيكل التنظيمي لوزارات الكويت، فهو الإطار الذي يحدد كيفية تنظيم العمل والمسؤوليات داخل كل وزارة، وهو يختلف من وزارة إلى أخرى، بناءً على طبيعة عملها وأهدافها، ويهدف الهيكل التنظيمي إلى تحقيق الكفاءة والفعالية في أداء الوزارة من خلال تحديد العلاقات بين الوحدات الإدارية المختلفة وتوزيع المهام والسلطات بشكل واضح، قد ينتج عنه تحسين فعالية المؤسسة وزيادة قدرتها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية، ويتضمن ذلك إعادة تصميم الهيكل التنظيمي لتكييفه مع التغيرات، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وتعزيز التنسيق بين الأقسام المختلفة، وتحقيق النمو والتوسع، فضلاً عن إعطاء فرص سريعة للدماء الجديدة، إذا ما وضعت آلية واضحة للعمل يردفها تقديم حوافز.

الهياكل الجديدة ستنهي آمال فتح باب الترقيات أمام المنتظرين للوظائف القيادية

وفي القطاع الحكومي تتمثل العملية في إعادة توزيع وتحديد المسؤوليات، حيث سيوضح الهيكل التنظيمي الجديد وفق علم الإدارة، من المسؤول عن كل مهمة أو نشاط داخل الوزارة، مما يقلل الازدواجية ويضمن عدم ترك أي مهمة دون متابعة، كما يحدد الهيكل قنوات الاتصال الرسمية بين الوحدات المختلفة، مما يسهل تبادل المعلومات والتنسيق بين الأقسام المختلفة وتحقيق الكفاءة، بما يضمن عدم وجود أي تداخل أو هدر في الموارد، ويضمن أيضاً سرعة ودقة اتخاذ القرارات المهمة، ويسهل عملية متابعة الأداء وتقييم مدى تحقيق الأهداف.

تأثير

ورغم النتائج العامة من الحد من تضخم الهيكل الإداري، الذي يشير باتجاه تقليص النفقات العامة للميزانية وفك التشابك بين اختصاصات الجهات والإدارات، فبنظر المراقبين، هناك عوامل أخرى تتراوح بين الإيجابية والسلبية للعمل الحكومي، أبرزها التأثير الوظيفي والنفسي، حيث يقع العامل المؤثر من تغيير الهيكل التنظيمي على الموظفين، ويمكن أن يسبب قلقاً بشأن الأمن الوظيفي، ويثير مخاوف بشأن الأدوار الجديدة والمسؤوليات، وقد يؤدي إلى تغييرات في أعمال الإدارة وتسرب أصحاب الخبرة نحو التقاعد.

دور الموظف

ولا شك في أن شعور الموظفين بعدم اليقين سينعكس على مدى إعطاء الجهد المضاعف في وظائفهم، وكذلك تغيير الأدوار والمسؤوليات بشكل متكرر، وقد يواجه الموظفون مهام جديدة أو مسؤوليات مختلفة، مما يتطلب منهم تعلم مهارات جديدة والتكيف مع التغيير، ويمكن أن يؤدي التغيير إلى انخفاض الروح المعنوية للموظفين، خاصة إذا لم يتم إدارته بشكل فعال، مما قد يؤثر على مشاركتهم وإنتاجيتهم، لكن ذلك التغيير بدوره سيؤدي إلى إعادة تنظيم الفرق وتغيير العلاقات بين الموظفين، ودفع مزيد من التأثيرات على الروح المعنوية والمشاركة، وقد يبدي بعض الموظفين مقاومة للتغيير بسبب الخوف من المجهول أو عدم الثقة في الإدارة، بيد أنه يمكن للتغيير إلى الهيكل التنظيمي أن يرفع الكفاءة، مما يؤدي إلى تحسين الإنتاجية والعمل الجماعي.

ومع التغيير العام، تبرز أهمية عكس ثقافة الشفافية والتواصل مع الموظفين بشأن أسباب التغيير، وتأثيراته، وكيفية تأثيره عليهم، كما يجب إشراك الموظفين في عملية التغيير، والاستماع إلى مخاوفهم واقتراحاتهم، وتوفير التدريب والموارد اللازمة للموظفين لمساعدتهم على التكيف مع التغيير، وبناء الثقة مع الموظفين من خلال الشفافية والصدق والالتزام بوعودها وتحفيز الموظفين وتعزيز معنوياتهم.

الخدمة المدنية

وكان وزير التخطيط وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية السابق، د. محمد الدويهيس، قد ذكر في مقال له نشره على حلقات في «الجريدة»، أن المدة الزمنية التي أعطيت للوزارات والجهات الحكومية لتنفيذ وتطبيق النموذج المقترح من قبل مجلس الخدمة المدنية قصيرة جداً لمعظم الوزارات ذات العدد والحجم الكبير، مثل التربية، والصحة، والكهرباء والطاقة المتجددة، كما أوضح في مقال له، أنه كان من المفترض من النموذح المقترح من مجلس الخدمة المدنية أن يكون مرناً، ويراعي طبيعة عمل الجهات الحكومية، وأن يكون أكثر مرونة ومراعاة لطبيعة عمل الجهات والهيئات والمؤسسات الحكومية، وبالتالي، فإن اقتراح نموذج وحيد لكل الجهات الحكومية فيه قصور وعدم دراية وخبرة بطبيعة عمل الجهاز الحكومي، وتعدُّد الجهات والأجهزة والمؤسسات الحكومية، وتنوُّع أنشطتها وخدماتها، فضلاً عن اختلافها من حيث الحجم والتخصص والنشاط.

وبين الدويهيس أنه كان المتوقع أن يقترح القائمون على مجلس وديوان الخدمة المدنية تقليص عدد الجهات الحكومية وترشيقها والاستفادة من التقدُّم التكنولوجي والتحوُّل الرقمي في الحد من الهياكل التنظيمية المتضخمة والتشابك في الاختصاصات، بدلاً من تقليص عدد الوكلاء المساعدين في الجهاز الحكومي فقط، مشيراً إلى أن مَنْ اقترح نموذج مجلس الخدمة المدنية لهيكلة الجهاز الحكومي تنقصه الخبرة العلمية والعملية بطبيعة الجهاز الحكومي ومعايير العمل المؤسسي وتنوُّع وتعدُّد التخصصات والأعباء الوظيفية في الجهة الحكومية الواحدة، فضلاً عن الاختلاف في نوعية وحجم الأجهزة والجهات الحكومية، وزيادة التعقيد لعمل بعض الجهات الحكومية، والحد من المرونة المطلوبة لإنجاز المهام والمسؤوليات والأعباء الوظيفية لوحدات الجهاز الحكومي.

ولفت إلى أنه من المفترض أن يدعم ذلك برؤية وخطة استراتيجية واضحة ومتفق عليها من جميع الأطراف، مؤكداً أن المنظور الاستراتيجي ليس مجرَّد رؤية للمستقبل، بل أداة محورية يقود من خلالها القائد مسار الجهاز الحكومي نحو تحقيق أهدافه، ورسم الاتجاهات، وتجميع وتوجيه وتنسيق الموارد المالية والبشرية.

حكومة مترابطة

ذكرت الأمانة العامة للتخطيط والتنمية أن إحدى ركائز خطة التنمية للكويت الجديدة 2035، «ركيزة تنموية لتطوير حكومة مترابطة وشفافة، تدعم إعادة هيكلة الجهاز الحكومي لخلق حكومة تفاعلية رشيقة، تعزز النزاهة والشفافية، وتدعم القطاع الخاص والتحول الرقمي، وتعمل على رفع الأداء وتلبية احتياجات المواطنين».

وفي هذا الشأن، شددت الأمانة على ضرورة مرونة وتكيف الهيكل التنظيمي مع التغيرات والتطورات في المشهدين المحلي والعالمي، مع الأخذ في الاعتبار التطورات التكنولوجية والاقتصادية، على أن يعكس ذلك الهيكل تقسيماً واضحاً للعمل، مع تحديد مسؤوليات محددة لكل إدارة ووحدة تنظيمية لضمان الكفاءة والفعالية، وتعزيز التكامل والتعاون بين مختلف الإدارات والوحدات التنظيمية.

البلدية تستغني عن 7 نواب مدير!

على ضوء مخاطبات ديوان الخدمة المدنية جميع الجهات الحكومية بضرورة إعادة النظر في هياكلها التنظيمية لتكون وفق النموذج المعمم عليها والمعدّ من مجلس الخدمة المدنية، وإرساله إلى الديوان في موعد أقصاه أسبوعان، انتهت بلدية الكويت من دراسة الهيكل التنظيمي الجديد، ورفعت إليه التقرير الجديد، الذي يشمل مديراً عاماً للبلدية بدرجة وكيل، ونائبين للمدير، أحدهما معني بقطاع الشؤون الإدارية والمالية والتطوير، والآخر معني بقطاع الشؤون الفنية والهندسية.

ويتضمن الهيكل الاستغناء عن 7 مقاعد لنواب المدير بالهيكل الحالي، وهم: نائب المدير لقطاع المساحة، نائب المدير لقطاع التنظيم، نائب المدير لقطاع الخدمات، نائب المدير لقطاع المشاريع، نائب المدير لقطاع محافظتي العاصمة والجهراء، ونائب المدير لقطاع محافظتي الفروانية ومبارك الكبير، نائب المدير لقطاع محافظتي الأحمدي ومبارك الكبير، نائب المدير لقطاع التطوير.

وأبقت البلدية في هيكلها الجديد على العديد من مهام القطاعات تحت إشراف إدارات ووحدات تنظيمية سيتم استحداثها، أبرزها إدارة الخدمات العامة التي ستندرج تحتها إدارات النظافة، بدلاً من وجودها في المحافظات، ما سيدعم خمول بعض الإدارات، ويعزز حركة التقاعد لكثير من الكفاءات التي كانت تنتظر ترقيتها.

وجاء هيكل البلدية تنفيذاً لقرار مجلس الخدمة الصادر في مايو الماضي، والذي فوض بموجبه للديوان اتخاذ الإجراءات اللازمة لاعتماد تلك الهياكل، وعملاً بما شدد عليه الديوان من ضرورة مراعاة الجهات الحكومية إرفاق الاختصاصات التنظيمية للقطاعات والإدارات حسب الهيكل المعدل.

وذكرت البلدية أن نموذج الاعتماد أوجب أن يتولى الإشراف على الجهاز الإداري للهيكل التنظيمي وكيل الوزارة، على ألا يزيد عدد وكلائه المساعدين على اثنين، يختص أولهما بالإشراف والتخطيط والتوجيه للإدارات ذات العلاقة بالنشاط الأساسي للجهة، أما الثاني فيعنى بالإدارات المساندة بجميع فروعها المالية والإدارية والفنية واللوجستية.

أخبار ذات صلة

0 تعليق